إن المال..
إن الواجب على كل مسلم عنده مال أن يتقي الله ويتذكر الموقف بين يدي الله، وأنه سبحانه يجازي كل عامل بعمله، وان هذا المال بلية، كما قال عز وجل: "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ" (التغابن : 15)، وقال سبحانه: "وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" (الأنبياء : 35)، فالمال ابتلاء وامتحان، فإن شكرت الله وأديت حقه، وصرفته في وجهه أفلحت كل الفلاح، وصار نعمة في حقك، ونعم الصاحب للمؤمن هذا المال، يصل به رحمه، ويؤدي به الحقوق التي عليه.
ولا شك أن الطاعات جالبة للبركات، فزكاة المال والصدقة منه واكتسابه من الحلال، كل هذا مما ينمي المال ويحفظه، لكن هذا ليس على إطلاقه، فقد يبتلي الله بعض عباده بالمصائب في أنفسهم، بالأمراض وفي أموالهم بالسرقة والضياع وغير ذلك، وقد يكرر ذلك عليهم، فيرتفع الصابرون وينالوا الأجر العظيم، ويخسر المتسخطون المعترضون، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.
قال تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"
(البقرة : 155-157).
والصالحون مع حرصهم على طيب مكاسبهم، والتورع عن مشتبهها، قد يبتلون في أموالهم كما يبتلون في غيرها، فهم أشد الناس بلاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) رواه الترمذي.
ولعل في صبرك على خسارة أموالك من المثوبة ما هو أنفع لك وأجدى عليك من بقائه بيدك.
والمال أمره خطير، وعواقبه وخيمة لمن بخل ولم يؤد زكاته، وسوف يدعه لمن بعده ويكون عليه حسابه ووزره، ويصاب الإنسان بماله من غضب الله، إذا منع الزكاة مثلًا، فإنه حري أن يتلف ماله، أن يصاب بصاعقة، أو بحريق، بتلف أو بسرقة، أو بغير ذلك، أو بظلم ظالم يغتصبه، أو غير ذلك، فمنع الزكاة سبب لتلف المال، وكذلك من أسباب تلف المال، أن يحبس الحقوق الواجبة عليه، من الإنفاق على نفسه، أو على أولاده، أو على زوجته، أو على والديه، ممن تجب عليه نفقتهم، فإن هذا سبب لعقوبته بتلف ماله، وقد يكون تلف المال من أجل الابتلاء والامتحان، هل يصبر، أم لا يصبر.
وإذا جرى مثل هذا للمسلم، فهذا من جملة المصائب التي يصاب بها الإنسان، فعليه أن يراجع نفسه، ويتوب إلى الله ويتفقد علاقته مع ربه في ماله، فلعله أن يكون قد قصر في زكاة ماله، أو اعتدى في طريقة اكتسابه.
أو قد يكون مقارفا لذنوب أخرى من غيبة أو نميمة أو تهاون في صلاة، أو نيل من عرض مسلم أو مسلمة، أو غير ذلك.
وقد كان هذا دأب السلف الصالح رضوان الله عليهم، لذا ينبغي على العبد أن يحاسب نفسه، في مطعمها ، ومشربها، وملبسها ، ومسكنها، وسائر ماله، من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ من قبل أن يسأل عن ذلك غدا، ويتفقد أمره كله، ويحاسب نفسه، قبل يوم الحساب.
@الجميع
#فاطمة_عبد_العزيز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق