الاثنين، 4 ديسمبر 2023

في الكتاب 1/3

كنت في طفولتي،  اسكن في حي سيدي يوسف بن علي، من اكثر الأحياء شعبية في مدينة مراكش، وكان الأطفال يذهبون، قبل التسجيل في المدرسة، للجامع "المسيد" اوالمسجد لحفظ القران٠ كنت شقية في صغري وأتذكر انني لم ادرس في الجامع الا ثلاثة ايام كل يوم في كتاب الا الثالث منهم وساحكي لكم أصدقائي الاعزاء عن السبب في ذلك٠ لاحقا
المسجد الاول،
جامع السويقة او جامع الدروج لانه كان في الطابق الاول، وكانت اول مرة اذهب رفقة اخي الأكبر، وكنت أنا الطفلة الوحيدة بين اثنا عشر طفلا لان ذلك الفقيه "بولحية" كان لا يدراس للفتيات، وقبلني في الصف فقط لانه صديق والدي٠ كان الأطفال جالسين فوق الحصيرة والفقيه "الطالب" في الداخل متكىء على الحائط يجلس (على طريقة اليوغا " مربع") فوق هيدورة  يتوسط القاعة، ويحمل في يديه عصا طويلة "مسيوطة" تصل اخر طفل يجلس أمامه، وكان كل طفل جالس التربيعة يحمل أمامه لوحة خشبية كتب عليها بالصمق، هو عبارة عن حبر يصنع بحرق الصوف المأخوذ من ذيل الخروف الممزوج بالروث، يخلط رماده بالماء٠ وكان الفقيه يكتب بالصمق والقصبة ،منحوتة بالسكين في شكل ريشة، يكتب لكل طفل نصف ثمن حزب من القران ويحاول هذا الأخير حفظه عن ظاهر قلب٠ 
عند وصولنا الجامع مشيت وراء اخي وقبلت يد الطالب كمافعل اخي، فأشار لي الفقيه بالجلوس خلف الأطفال، وفرحت بذلك لان شكل الرجل يخيفني، كنت نحيفة وقامتي قصيرة أستطيع لاختباء وراء المتمدرسين الصغار، امر المدرس اخي ان يناوله لوحة لكن كل اللوحات كانت مكتوبة فامر اخي ان يذهب للمسجد الاخر ويأتيه بالصلصاًل، وهو عبارة عن حجر ابيض يستعمل كممحاة للصمق الذي تكتب به فوق اللوحة٠
 وانا انتظر عودة اخي، احسست بصداع في راسي بسبب صوت،الأطفال وكل واحد يحاول حفظ المكتوب على لوحته، وكل نصف ثمن يختلف من لوحة لأخرى، كل صغير يقرا اللوحة بأعلى صوته وعيناه مغمضتان وكل اجسادهم الصغيرة تتمايل ذات اليمين وذات الشمال، ووجه الفقيه يظهر ويختفي بين الصفوف، وانا اتمايل مع الطلاب حتى لا يرمقني الطالب، احسست بدوار. الفقيه يستظهر الأطفال واحد تلو الاخر، لم أكن ادري كيف يستطيع سماع ما يقولون وسط الضجيج وكان بين الفينة والأخرى يأخذ عصاه ويزج بها على راس احدهم حتى لا يحاور صاحبه، ويحاول ان يطل علي وعيناه جاحظتان٠٠٠
بعد مرور نصف ساعة، تاخر اخي لم اشعر الا والدموع تملا عيني فاخذت ابكي في صمت حتى لا يسمعني هذا الرجل المزعج في نظراته وحركاته، وشيئا فشيئا، لم أعد احتمل واجهشت في البكاء، التفت كل الأطفال نحوي، ورفع الطالب راسه وسألني بصوته القوي : ماذا بك ؟  ما الذي يبكيك يا بنت الحاج ؟ فأجبته بكلام منقطع ووجهي تغمره الدموع اريد الذهاب لمنزلنا، بطني تؤلمني وراسي توجعني "نعاماس" بمعنى سيدي٠ فنظر الي بازدراء ما هذه الأفعال الصبيانية ستذهبين فور قدوم أخاك  ولن اراكي امامي مرة اخرى "ديما تنقول البنات ما يصلاح لهم جامع بقاي فداركم أحسن ليناواحسن ليك" أجبته وانا مرتبكة "واخا نعاماس" كانت هذه الكلمة لم اسمعها الا في المسيد وهي ترخيم ل نعم يا سيدي ربما كان هذا مصطلح خاص بالمراكشين... سأكتب البقية قريبا ليلتكم سعيدة أصدقائي الكرام٠
٠٠٠ يتبع

المملكة المغربية 261115
الدكتورة فاطمة الزهراء الرئيس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

-( عيد ميلادي)- في الخامس من آب بعضُ طينٍ وماءٍ صارا أنا والى أنْ يختلفا سأبقى هنا... لم تكنْ صدفة أو لقاء عبثي بين عنصرين بل تحدٍّ وامتحان ...