الأحد، 4 فبراير 2024

إليكم هاته القصيدة من بحر المتقارب كتبتها ترحما على الطفل ريان الذي توفي في قعر البئر، أتمنى أن تنال إعجابكم.
بقلم: فهد الطاهري من المغرب.

               رَحَلَ رَيَّانُ

هَوَى الطِّفْلُ رَيّانُ فِي قَعْرِ جُبٍّ
أَتَى النَّاسُ مِنْ كُلِّ قُطْرٍ وَصَوْبِ

لَقَدْ وَفَدُوا مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ
كَذَا مِنْ قَرِيبٍ كَجَارٍ وَصَحْبِ

طَغَى بِالْمَكَانِ اسْتِيَاءٌ وَحُزْنٌ
غُلاَمٌ بِغارٍ كَجُحْرٍ لضبِّ

فريقٌ من الخبراءِ استعدُّوا
غَدَوْا كالجنودِ بساحةِ حربِ

فأقبلَ شخصٌ جَسُورٌ هُمامٌ
غَدا البئْرُ رحْباً بحفْرٍ وَ شَذْبِ

وكم من أسىً عاشهُ كلُّ فردٍ
وكم من نفوسٍ أحسّت بِكَرْبِ

وذاك الشجاعُ تدلَّى بحبلٍ
بلا رهبةٍ أو هواجسِ رُعْبِ

ولكنَّ صخراً صَلُوداً تمادَى
غدا عمقُهُ ضيِّقًا مثل ثقبِ

فلمْ يَقْوَ فردٌ بلوغَ الأماني
وصولٌ إليهِ بدا شبهَ صَعْبِ

قلوبٌ حَيَارَى تعاني بصمتٍ
وأُخرى تَمُدُّ أكُفًّا لربِّ

دعاءٌ منَ القلبِ صافٍ نقيٌّ
دموعٌ تَفيضُ كنبعٍ بحُبِّ

فسبحانَ مَن جعلَ القلبَ يهوى
ملاكاً بلا هَفْوَةٍ دونَ ذَنْبِ

وقالوا إذن نبدأُ البحثَ توًّا
سبيلُ النجاةِ بحفرٍ ونقبِ

وبعد نقاشٍ دقيقٍ عميقٍ
أتاهُمْ خبيرٌ بِرَسْمٍ وَكَتْبِ

فقالَ كلاماً بميزانِ عقلٍ
وما الوقتُ وقتَ نواحٍ ونَدْبِ

أحاطوا المكانَ بسدٍّ منيعٍ
أدارُوا سياجَ حديدٍ لِحَجْبِ

تعالى ضحيجُ المُعِدّاتِ فوراً
لحفرِ مَمَرٍّ مُحادٍ بِقُرْبِ

وقاموا بحفرِ ثلاثينَ متراً
أضافوا قليلا كَقَامةِ دُبِّ

تفادَوْا سقوط الترابِ بعسْرٍ
أتَوْا بوِعاءٍ متينٍ وصلْبِ

توالتْ ليالٍ ومَرَّتْ ببطءٍ
أَطَاحوا بتَلٍّ فسيحٍ وَوَعْبِ

عيونُ الورى تبتغي الطفلَ ينْجُو
جَمَاهيرُ في كلِّ حيٍّ وَدَرْبِ

وفي يَوْمِ سَبْتٍ أعَدُّوا فريقاً
لإخراجِ ريَّانَ من بينِ تُرْبِ

بدا الأمرُ صعباً وساد وُجومٌ
ليالٍ مَضَتْ بَيْنَ حَفْرٍ وَقَوْبِ

سمعْنا هُتافاً مَشُوباً بِبِشْرٍ
صَرَخْنا نجا الطفلُ من دونِ ريبِ

بدا وجهُ مَنْ أنقَذوهُ حزينًا
وكان من الموتِ دانٍ بِنَوْبِ

فَخَيَّمَ حزنٌ وأطْبَقَ شَجْوٌ
عيونٌ تَسيلُ بِصَبٍّ وَسَكْبِ

أُذِيعَ اسْمُ ريانَ في كلِّ حينٍ
وقُدِّرَ موتُهُ في سَفْحِ شِعْبِ

نَسِينا العداوةَ صِرْنا صِحاباً
نُعَزِّي الأهالي بقلبٍ مُحِبِّ

توافدَ يومَ الجنازةِ جَمْعٌ
وخيرُ الورى ذو شَبَابٍ وشَيْبِ

تَلَوْنا مديحاً وآياتِ ذِكْرٍ
وَمِنْ حَوْلِهِ حامَ وَفْدٌ كَسِرْبِ

أخي ليس هذا مُجردَ حكيٍ
كلامي كلامُ شَريفٍ وَ قَبِّ

ولَكِنْ تَنَبَّهْ لِقُرَّةِ عينٍ
وكُنْ مُرْشِدًا ناصِحاً كالمُرَبِّي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

-( عيد ميلادي)- في الخامس من آب بعضُ طينٍ وماءٍ صارا أنا والى أنْ يختلفا سأبقى هنا... لم تكنْ صدفة أو لقاء عبثي بين عنصرين بل تحدٍّ وامتحان ...