السبت، 9 مارس 2024

درس فى رمضان 
بقلمي 
………………………...
بعد يومين من الآن سنعيش بإذن الله مع رمضان صياما وقياما قراءة ودعاء تجمعا فى المساجد وحضورا فى البيوت مع الأهل والأصحاب ولكن ما هو أهم درس فى رمضان إنه التكرار والعودة إنه العيش مع الله فى لحظات غير عادية فى لحظات الصفاء الروحي والتألق الفكري والعيش مع كتاب الله استماعا وقراءة فهما وتدبرا تأملا وتذكرا هذا هو الدرس المهم في هذا الشهر الفضيل وفى هذه الأيام الرائعات والليالي المشرقات ولكني أحببت أن أضع بين يديكم مشروعا رمضانيا متكاملا فى هذا العام فيه روحانية القيام وصفاء الجوع وكرم اليد ورفعة القراءة وسموّ الأخلاق ومن هذا المشروع : 
أولا :قراءة كتاب الله كما ونوعا وحاول أن تقرأ كلام الله بشكل مختلف اقرأ بدون توقف ولكن مع تدبر وتأمل اختر سورا معينة لها تأثيرها الخاص فى نفسك وحاول أن تعيش معها وفى سياقاتها وردد النظر اليها ولا تتوقف فى قراءتها ولكن كن مع كتاب الله تاليا ودارسا ولا تكن من الغافلين . 
ثانيا :اختر من كتب التفسير ما تجد فيه جديدا وأصالة واقرأ لتفهم كلام الله وتعمل به فكتاب الله نزل للفهم والعمل به معا وهو كتاب عظيم تناولته كتب التفسير بالدراسة وأضع بين يديك كتاب ابن كثير والقرطبي وكذلك كتاب ابن عاشور وهو كتاب يجمع بين المعقول والمنقول وكذلك كتاب خواطر الشيخ الشعراوي وفيه حيوية الشيخ وعمق تفكيره كما أضع بين يديك تفسير الشيخ المودودي تفهيم القرآن وهو كتاب يحمل في طياته العمق فى التفكير والموسوعية فى الطرح ولا أنسي أن أضع بين يديك كتاب الأساس فى التفسير للشيخ سعيد حوى فيه علم وعمل ونظرة فى التفسير الموضوعي ولك أن أن تختار كتاب ظلال القرآن وخاصة فى بعض السور لأن الرجل يطرح في هذا الكتاب معاني عميقة جدا وأدعوك أن تقرأ مرات عديدة مقدمة الكتاب . 
ثالثا:دراسة السيرة النبوية والاستماع إلى دروسها من قبل العلماء والفقهاء والخبراء واختر كتابا واحدا من أهم الكتب خذ مثلا كتاب الرحيق المختوم للمباكفوري فهو كتاب جيد فى طرح مراحل الدعوة المباركة أو خذ إن شئت كتاب السيرة النبوية)لأبي الحسن الندوي ففي الكتاب رؤية جديدة لقراءة السيرة أو اقرأ إن شئت كتاب فى السيرة النبويةللعالم العراقي عماد الدين خليل ففيه طرح متوازن أو ادرس مع بعض الناس كتاب فقه السيرة للعالم الداعية والمفكر الفقيه الشيخ الغزالي وللشيخ قراءة غير عادية للسيرة النبوية وكتبه فى الروضة الشريفة في حضرة المسجد النبوي أو كتاب فقه السيرة النبوية للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي والشيخ جمع فيه بين طرح السيرة كأحداث وأحكام . 
رابعا:اختر من الأيام زمنا خاصا للأسرة وعش معها وتذكر بأن رمضان فرصة العمر وجدد العلاقة معهم جميعا اجمع الجميع على مائدة رمضان سحورا وإفطارا وصلوا معا فى مسجد واحد ما استطعتم إلى ذلك سبيلا وفى بعض الأحيان صلوا قياما فى البيت لإن رمضان يمثل محطة مهمة للاجتماع ولدراسة الأوضاع من جديد وطرح دراسة المستقبل وكيفية الوصول إلى الأهداف من جديد فالأسرة مجتمع صغير فيها كل متطلبات المجتمع من قيادة وشعب وسياسة وتربية ورؤية ولهذا فلا بد من طرح المشاكل من جديد ومن إعداد الحلول كذلك ويجب الاستفادة من أجواء رمضان وروحانيته . 
خامسا:فى رمضان تتغير الأجواء وتتبدل الظروف ويبقي معنى واحدا فى الحياة وهو معنى التقوى فلا تعمل شيئا لغير الله فيجب أن يكون الله نصب عينك كن مع الله فى السكنات والحركات لا تهتم بالناس ولا بأقوال الناس بل انظر إلى قلبك واهتم به اقرأ كتب الروح والزهد ما استطعت إلى ذلك سبيلا اختر كتابا واحدا من الكتب التى كتبها شيخ الزهد الامام الغزالي أو شيخ السلفية الربانية ابن القيم فهما بحران أو قل إن شئت نجمان فى هذا المسلك . 
سادسا:عش فى بعض الأيام مع بعض الأصحاب اجمع الخواص منهم فى الإفطار وقل لهم كلاما بليغا فى الزمن والمكان واستمع منهم ما يجيش فى صدورهم فالناس فى رمضان يعيشون مع لهو الخواص وللخواص لهو كما أشار إلى ذلك الغزالي رحمه الله فتذكروا بأن لهو الخواص أخطر على النفوس من لهو العوام. 
سابعا:غير أسلوب العيش فى رمضان هذا العام تذكر بأن هناك من يجوع ولا يفطر ومن يعيش بلا أمن ولا سلام فلا تكن بلا قلب فى رمضان كن ذا قلب رحيم وافتح يدك للناس جميعا وأطعم من كان بحاجة إليك ولو على حسابك وحساب أولادك . 
ثامنا:خصص بعض الأزمنة لنفسك وعش بعيدا عن الأنظار واغترب عن الناس وكن قريبا من الله وعش مع الله وحده هنالك تجد اللذة والسعادة فالسعادة كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيميةفى الخلوات وفى الصلاة حياة لأهل الله وخاصة حين تكون بعيدا عن الناس ووحيدا وفيها الراحة الكاملة(أرحنا بها يا بلال). 
تاسعا:غير أسلوب الحياة كلها فى رمضان فرمضان شهر التغيير بل وجدد حتى أسلوب الحياة فى المنزل والتغيير يكون شكلا وموضوعا ومن لا يفرح بقدوم رمضان في قلبه مرض ومن لا يتغير فى رمضان ففي عقله شبهات ومن لم يتجدد فى رمضان فهو إلى التقادم سائر . 
عاشرا:قلل النوم فى رمضان واجتهد فى الطاعات واجمع فى هذا الشهر بين عبادة الجوع والجهاد النفسي ولا تستسلم للشهوات فهي تدمر الأفراد والأسر والمجتمعات وهي التى لأجلها شرعت عبادة الصوم واليوم يتحدثون عن وراء دمار المجتمعات ويذكرون شهوتي البطن والفرج وما أحسن ديننا!فهو دين مثالي وواقعي فى آن واحد واعلم بأن هناك من يصوم صوما شكليا وهناك من يصوم صوما عاديا وهناك من يصوم لأن الناس يصومون وهناك من لا يصوم حقيقة ولكنه يجعل نفسه صائما وهناك من يصوم صوما فقهيا ولكنه لا يصوم صوما حقيقيا ومن هنا فلا بد من الصيام الذى يجمع بين الشكل والمحتوى وبين المقاصد والأحكام الظاهرية والغايات والبدايات وكل ذلك بحاجة إلى عزيمة وإلى رشد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

-( عيد ميلادي)- في الخامس من آب بعضُ طينٍ وماءٍ صارا أنا والى أنْ يختلفا سأبقى هنا... لم تكنْ صدفة أو لقاء عبثي بين عنصرين بل تحدٍّ وامتحان ...