إعداد: السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠
================
(((( مع سنة الاعتكاف )))
قال تعالى :
" وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ "
( البقرة: الآية ١٨٧ )
و الاعتكاف سنة، وهو لزوم المسجد لطاعة الله للتفرغ للعبادة، في الليل أو النهار، ساعة أو يومًا، أو ليلة أو أيامًا أو ليالي، سنة ٠
عزيزي القاريء الكريم نواصل حديثنا مع شهر رمضان المعظم حيث نأمل القبول و تربية النفس و تهذيب المشاعر حتى تحصل التقوى من وراء الصيام و العبادات المتعلقة به ٠٠
و من ثم في هذا اللقاء الطيب نمر بخطوط عريضة حول سنة ( الاعتكاف) لنتعرف على أهم المبادىء بمثابة مدخل لمن يريد أن يستزيد بالبحث عن جمال الفقه بعيدا عن التقيد بالتقليد أو النقل دون إعمال العقل كي يفهم المقاصد هكذا ٠٠٠
= الاعتكاف في اللغة :
هو لزوم الشيء وحبس النفس عليه برا كان أو غيره، قال اللّه تعالى في القرآن:
" إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ " ٠
( الأنبياء: الآية ٥٢ )
= معنى الاعتكاف اصطلاحاً :
فهو لزوم مسجد لعبادة الله تعالى من شخص مخصوص على صفة مخصوصة تقرباً إلى الله تعالى.
وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه اعتكف العشر الأواخر من رمضان، وفي بعض السنوات تركها، لبعض الأسباب، واعتكفها في العشر الأول من شوال، فهو سنة وفي رمضان أفضل، وفي العشر الأخيرة أفضل.
* الاعتكاف من منظور فقه المذاهب الأربعة :
-------------------------
استحبابُ اعتكافِ العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ وفيه جوازُ الاعتكافِ في العَشرِ وفي غَيرِ العَشرِ ٠
= وذهب الشافعية في المعتمد عندهم :
إلى أنه يصح اعتكاف الرجل والمرأة في كل مسجد ولا يصح اعتكافهما في مسجد بيتهما، قال الإمام النووي رحمه الله: (مسائل: إحداها) لا يصح الاعتكاف من الرجل ولا من المرأة إلا في المسجد، ولا يصح في مسجد بيت المرأة ولا مسجد بيت الرجل، وهو المعتزل المهيأ للصلاة، هذا هو المذهب، وبه قطع المصنف والجمهور من العراقيين.
الحنابلة:
"هو لزوم المسجد لطاعة الله، على صفة مخصوصة، من مسلم عاقل ولو مميزًا، طاهر مما يوجب غسلًا، وأقله ساعة، فلا يصح من كافر ولو مرتدًا، ولا من مجنون ولا طفل، لعدم النية، ولا من جنب ونحوه ولو متوضئًا، ولا يكفي العبور، وإنما أقله لحظة ٠
= الحنفية :
فذهبوا إلى اشتراط المسجد الجامع أو المسجد الذي تقام فيه الصلوات الخمس، وهذا بالنسبة للرجل، وأما بالنسبة للمرأة فالأفضل عندهم اعتكافها في مسجد بيتها. قال ابن الهمام في "فتح القدير": وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يجوز إلا في مسجد يصلى فيه الصلوات الخمس ٠
أنه مستحب كل وقت في رمضان وغيره، وأقله عند الحنفية نفلًا: "مدة يسيرة غير محدودة، وإنما بمجرد المكث مع النية، ولو نواه ماشيًا على المفتي به؛ لأنه متبرع، وليس الصوم في النفل من شرطه، ويعد كل جزء من اللبث عبادة مع النية بلا انضمام إلى آخر.
ولا يلزم قضاء نفل شرع فيه على الظاهر من المذهب؛ لأنه لا يشترط له الصوم".
= وأما المالكية فذهبوا إلى أنه يصح في أي مسجد إلا إذا كان المعتكف ممن تلزمه الجمعة وستأتي عليه جمعة وهو معتكف، فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يعتكف في مسجد تقام فيه الجمعة.
والاعتكاف سُنة للرجال والنساء لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعتكف في رمضان واستقر أخيرًا اعتكافه في العشر الأواخر، وكان يعتكف بعض نسائه معه، ثم اعتكفن من بعده.
و أن محل الاعتكاف هو المساجد التي تقام فيها صلاة الجماعة، ويشرع للمعتكف أن يكثر من الذكر وقراءة القرآن والاستغفار والدعاء والصلاة في غير أوقات النهي.
كما يجوز للنساء الاعتكاف في مصلاها في منزلها، فتعتكف فيه سواء كان ذلك حجرة أو ركن فيها تجهزه للصلاة وتعتكف فيه ولا تخرج منه، فتعكف على قراءة القرآن والتسبيح والذكر والدعاء ونحو ذلك من الأعمال الصالحة.
فأنه لا بأس أن يعتكف وإن كان مفطرًا، ولا بأس أن يكون ليلًا أو نهارًا، وقد ثبت عن عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له: أوف بنذرك، قال له النبي صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك، والليل ليس محل صوم.
ويستحب لمن اعتكفها دخول معتكفه بعد صلاة الفجر من اليوم الحادي والعشرين؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ويخرج متى انتهت العشر.
وإن قطعه فلا حرج عليه إلا أن يكون منذورًا ٠
و لا حرج أن يزوره بعض أصحابه، وأن يتحدث معهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزوره بعض نسائه، ويتحدثن معه.
و يجوز للمعتكف الخروج من المسجد للضرورة و قضاء بعض الاحتياجات أو أعمال مكلف بها حتى لا تتعطل الحياة و أن يوازن بين الأمور الدنيوية و الدينية معا ٠
و ممكن للموظف أو صاحب عمل يأخذ أجازة طالما فيه بديل يقوم مكانه حتى لا تتعطل مظاهر الحياة و مصالح الناس ٠
فيا رب دلنا على الخير و الاستقامة و هب لنا طاعة تقربنا إليك وصل الله و سلم على سيدنا محمد و الحمد لله رب العالمين ٠
آمين ٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق