1. قتلة السلطان
تبدأ "حرة" بكتابة قصة قصيرة أخرى، هذه المرة خيال خالص ولا علاقة لها بالسياسة. تواجه صحيفتها "الجريدة" مشاكل مع تعطل الورق بسبب إغلاق مصنع الموردين، وتقاعد صاحبه الذي لم يستطع العثور على مشتر.
حسنا ، غلاء العيش يتزايد باستمرار، لاحظت "حرة" بنبرة صبورة ومستسلمة. لقد اشتكت دائما من أنها بالكاد تستطيع تغطية نفقاتها في نهاية الشهر
وتساءلت "حرة"، كمْ من سنة، سنستمر في اللقاءات المتكررة في مقهى السلاطين، لنتناقش ونأخذ الأحداث العابرة على محمل الجد؟ ربما حتى سن الثمانين خاصة وأن في هذا القرن، نعيش بصحة إلى سن الشيخوخة.
عادت "حرة" إلى المنزل. تجلس أمام الآلة الكاتبة. تضحك بمرح. نحن مجانين حقا... لدي فكرة... لعبة خيالية سأكتبها... "موت السلطان". فكرتها هي السطو على مقر الحزب الديمقراطي الأمريكي لترجعه إلى صالة ألعاب كبيرة مغطاة يجلب إليه لاعبو التواصل الإلكتروني للتنافس بين الشباب المجانين. أحد الفائزين هو الرئيس الحقيقي، وهو نفسه لاعب مع الشعب نفسه، ولا يطلق عليه أحد النيران لأنه بكل بساطة، لم يبق قاتل واحد بين اللاعبين...
حان وقت الأخبار، تترك "حرة" مكتبها وتذهب إلى غرفة المعيشة لتشاهد التلفاز... وبعد ثوان تطفئه مع تأوه، هذا يجعلني أشعر بالغثيان... كل مواطن يشاهد التلفاز من ست إلى ثماني ساعات في اليوم؟ لذا، لا ينبغي لنا أن نتفاجأ بالتصويت لرئيس مهمل.
إننا جميعا نفرغ من كل شيء بواسطة الصناعة الأقوى تأثيرا... لهذا بدأ العلماء يجربون اختبارات على مدى فاعلية الإدمان على التليفيزيون لدى مرضى المشافي العقلية الذين أجروا جراحة فصيه على المخ...
المجتمع أصبح أكثر وأكثر تعقيدا فكيف يمكننا أن نؤمن بالخيارات الشعبية لشخص سلطوي؟ فهل يجب أن نستعد لمساندة الرئيس المنتخب الذي يعمل على القضاء على خصومه ليبقى الواحد القهار...
تميل "حرة" من جهة ثم من الجهة الأخرى على أريكتها قائلة: "يا حرة"، لماذا أنت قلقة حقا؟
وقالت بصراحة، لدي مهنة عظيمة ووظيفة ثانية. أنا أكسب ما يكفي من المال. لدي عائلة جميلة وأمتلك منزلا محترما... فماذا يقول الفقراء إذا؟ الحقيقيون طبعا... وتابعت:
ومع ذلك فأنا على قناعة بأنني بخير.
"حرة" لديها حركة نفاد صبر، هذه الجملة الأخيرة تشبه كلمات العزاء الموجهة للمحتضرين...
على الصفحة الاولى من قصتها، نقشت بكل ثقة:
الحل الأفضل هو عدم الظهور كثيرا.
متعة الحياة تكمن في العمل.
لا تصدر الكثير من الأحكام، ولا تتوقع مجاملات أو حتى تقدير من أحد.
في صفحة أخرى كتبت:
الفرق بين الحلم والواقع يشكل جحيما حقيقيا. يا له من كابوس؟ ماذا يعني كل هذا؟
وفجأة صرخ جهاز الراديو الخاص بها... لقد قتلوا كينيدي.
بقلمي عبدالفتاح الطياري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق