.. .. ( 32) ( في مطروح )
ساعتها مقدرتش أمنع الكاميرا تصورها من جمالها وضحكتها والكل مبهور بيها ، وأنا كنت مجهزة لها طوق من الورد عشان كنت عارفة هتلبس إيه
مع كل صورة كده حكاية وأصوات وضحكات وذكريات ، كيف أحسد من يسعدونني ويضيئون حياتي ، كيف يحسد الإنسان أنفاسه التي يعيش بها !
وهنا قفز لتفكيري شيئا غريبا ماكنت أتوقع أو أتخيل أبدا أن أفكرفيه أو يطرحه عقلي على روحي ، ولكنه للأسف قد حدث للتو :
( إن لم تتحملي قدر عدم إنجابك فأي قدر كنت تتحملينه ياجميلة من الأقدار الثلاثة التي تعيشها صديقاتك الآن؟ .. موت ابنك الشاب بعد تخرجه وهو على أبواب الزواج كزياد ابن شريفة ، أم إصابة ابنك بعاهة مستديمة فيظل معاقا و على كرسي متحرك بقية عمره ونصف وجهه مشلول كأكرم ابن أزهار ، أم اعتقال ابنك هكذا قبل زفافه بأيام بتهمة سياسية خطيرة لا يعلم أحد متى يرجع منها كأمجد ابن هناء ؟)
وارتجف جسدي وعقلي وقلبي ارتجافة لم أعهدها ولا أتحملها ، ماهذه الأفكار الغريبة وكيف أسمح لنفسي ولو للحظة واحدة أن أفكر فيها ؟
كلهم أولادي ، وحزني على كل واحد منهم مثل بعضه ، ومثل ما لوكان أحدهم بالفعل ابني ، فكل واحد من الأولاد الثمانية أشعر دائما أنني تعبت في حمله حتى أنجبته وعشت معه كل شيء مماعاشه ، وقمت بتشكيل أغلب ما تشكَّل فيه من أفكار ومشاعر ومباديء ، وكلهم يرتبطون بي تماما كما يرتبط كل منهم بأمه ، وهنا لابد وأن أتذكر كيف كانوا جميعهم يتسابقون كل صباح على من منهم يقول لي قبل الآخرين صباح الخير، وكنت أضحك مع الجميع وأجعل كل منهم يعتقد يقينا أنه هو الذي قالها لي أولا وقبل الآخرين ، ولم أكن أشعر أبدا أنني أكذب عليهم أو أخدعهم
.. ( تيتة أم عمرو )
ووجدتني أتذكر صفحتي الجديدة، كيف لم أفكر فيها من قبل ، أسرعت نحو هاتفي أفتحه ، فتحت صفحتي المعتادة ولم أترك لنفسي أي مساحة لأنظر فيها ، فلم أرى الرسائل الواردة إليها ولا أي إشعارات فأسرعت بالانتقال من داخلها وفتحت صفحتي الجديدة التي لم يعرف بها أحد أبدا منذ علَّمني ذلك أكرم ابن أزهار ( سيدة القصر ) ، لا أصدق أن هذه الصفحة هي التي ستعيش معي هنا ، وكأنها ولدت من أجل مطروح ، هي فقط رفيقتي هنا ، أقول فيها كل شيء ، وكانت السبب في أن أحكي كل ماعشته في حياتي منذ بدأت أعي ما أعيشه وحتى وصولي لمطروح ، وكنت أجعل كما علمني أكرم كل ما أكتبه خاص بي وحدي لا يراه أحد سواي ،ورغما عني سالت دموعي حين تذكرت حبيبي الغالي أكرم ومايعيشه من مأساة شنيعة بعد الحادث ، دائما يظل بداخلي إحساس أليم يدغدغ كل وجداني لأني لن أكون بجواره ، هكذا شاءت لي أقداري الصعبة ،وتفاجئت بأصوات صرخات بالقرب مني داخل العقار الذي أسكن فيه ، فأسرعت بالخروج لأتبين الأمر ، كانت الصرخات حُزنا على وفاة السيدة العجوز أم عمرو صاحبة العقار المكون من خمسة أدوار تقيم هي بالدور الأرضي منه ليسهل عليهم نقلها وإعادتها عندما تحتاج لذلك بحسب حالتها الصحية أو لتحضر عُرس أحد أحفادها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق