الأربعاء، 29 مايو 2024

**رذاذ يرسم لوحة الحياة**

السّنونو جالبُ الدّمع النّديّ
يحطّ كلّ مساء على شُرفتي العارية
يلتقط حبّاتي
وفي كلّ مرّة يُحييني بعد مماتي
ويهمس بلا صوتٍ في أذني
أين أنت؟
أيّها السّاري في شرايين العتمة
قُدْني إليكَ
لعلّي أرمّمُ آثار خيباتكَ المتكرّرة
أضحيْتَ جريحا كمن وقع في الفخّ وضاق طوقه
وقُطْرُ فكرتكَ تقلّص بلظى الشّهوة
ألم يكْفِكَ هذا الهراء؟
ألم يستفزّك هذا العراء؟
رذاذُ الدّماء القانية ما عاد يُخيف الوجوه التحجّرة
وأنا أمشي بغير بوْصلة
شخص لا أعرفه قطع عليّ الطّريق
خِلتُهُ مهووسا بحمّى التّقاطع 
تودّدَ وحرّك حاجبه الكثيف
أهداني ابتسامة غامضة 
وباقة ورود حمراء 
ولفّني بعنف في حضن دافئ قُدَّ من خيوط الشّمس
وقبّل ناصيتي وقال:
لا تُدمن الانحناء 
كن متجدّدا تنهض من رمادك كالعنقاء
ولا تأبه لضبابيّة لوحة المساء
فقد فقدت ملامحَها
ولكنّها لاتزال جميلة بلا ألوان.
قلتُ:
ارسُمْ مداك في شفتي
وارتديني ليذوب الثّلج على قممي
احترتُ كيف أسمّي "جنيني"
وكيف أزرع في مسامّ القلوب حنيني
وكيف أخيط بالحبّ وتيني
قال:
القمّة تدحرجت إلى أسفل قدميكَ
وبكى السّنونو حتّى ارويتَ
وعشقتَ حتّى اكتويتَ
وفي سحر القصيد ارتميت
قلت:
لم يبق سوى حلم واحد
صِلني بأنثاي التّي رحلتْ
لأزرعها في كلّ شبر من حديقتي الخلفيّة
فيزهر عطرها في جدب أرجائي
وذلك منتهى رجائي

بقلم: عبد الستار الخديمي - تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

-( عيد ميلادي)- في الخامس من آب بعضُ طينٍ وماءٍ صارا أنا والى أنْ يختلفا سأبقى هنا... لم تكنْ صدفة أو لقاء عبثي بين عنصرين بل تحدٍّ وامتحان ...