الأربعاء، 26 يونيو 2024

(إليهـا) - (محمد رشاد محمود)
كانَ ذلكَ في أَخَرَةٍ من عام 2000 ، وقد جَمعناعمَلٌ أسقَطَ ما بيننا من كُلفَةٍ .. هيَ فوقَ العشرين والحياةُ منها على سَفحٍ ، فهيَ تتشَوَّفُ إلى الصعود ، وأنا فوقَ الأربعين ، وكلُّ آتٍ من خطوي تَحَدُّر وهبوط .
ولم يمنعها ذلك ، مع جمالها الذي يومض وميض الألماس ويبسَمُ مبسَمَ الورد ، من أن تأتيَني عن يميني ، فإذا أدرتُ وجهي - وما عن جفاءٍ أفعَل أو نُكرانٍ لحضرَة الجمال ، ولكنني كنتُ أنشُدُ من نفسي أن تكونَ آيَةً في العِفَّة ، في حين كونِها هيَ آيَةً في البهاء - أتَتني عن يساري ، وراحت تارَةً تقول بصوتٍ يعرفُ كيف يتسَرًّب إلى المُهَج ويُخالطُ وجيبَ القلوب :
أستاذ محمد ، ألا تكتُبُ فيَّ شعرًا ؟ ألستَ بالشَّاعر ؟ 
وتارَةً أخرى تقولُ : 
أما ترَى فيَّ من السِّمات ما يبعَثُكَ على أن تقرِضَ فيَّ الشِّعر ؟
كلا إن ذلكَ أمرٌ إغفالُهُ فوقَ الطاقة ، ولا يَسَعُ أحدًا أن يلجِمَ ذلك الطوفان من السِّحر ؛ فَليَكُن لها مني ما تُريد ، أو فليكُن لها ما كنتُ حَريًّا بإرادتِه ، ما لم يكُن حافِزٌ على أن أريد ، وقد كانَ ، فكانت هذه الأبيات التي تلَقَّتها فراحت تُهَلِّلُ و تتوَثَّبُ توثُّب الطِّفلَةٍ في يوم عيدٍ ، وقد جرى الدمُ في وجنتيها وترَقرَقَ البِشرُ في مُحَيَّاها ووَبصَت عيناها بوميض الحبور :
كَيـْــــــفَ أرجــو نُبُـــــوَّهُ عَـن يَقيـــني
لاعِـــــجٌ أنــْــتِ وَقْـــــدُهُ وشُجــونِــي
كُـلَّمـــا رُضْتُ مــارِجًا مِـنــْـــهُ مـاجَتْ
سَـــورَةُ الشَّـوْقِ جَــذْوَةً مِـنْ جنــــونِ
أَو نَـزا القَلـــبُ لِلْــكَـــــرَى خِلتُ طَيْفًا
مِنـْــكِ يَـجْتــَـاحُ مُستَــرَاحَ الجفـــونِ
لاهِــــثٌ فــي سَــرَارَةٍ الــوَجـدِ أسرَى
مِـنْ وَجيــــبِ الشَّقاءِ بَيْـــنَ الظُّنـُـونِ
واصِـلُ النَّـــوْحِ ضِلَّــــــةً أَنْ تَـغَيَّـــــــا
دائِمَ الــوَصْلِ في اضطِـرابِ الشُّئــونِ
بِئْسَــما الحُسْـنُ - عِفتُــهُ - كَيفَ أَوْرَى
وهْــــوَ رَاحُ النُّــهَى خَبــَــالَ العُيـــونِ
ما عَلَـيـْــنَا علَى الشَُّــــقا لَــــو أَمَمْنَـــا
مَرْبَــــــعًا مِنـــْـــهُ مَرْتَــــعًا لِـلْــفنــونِ 
هَــــلْ عَلـيْنَــا عَلـى السُّرَى لَو قَبَسْنــا 
صَيِّـــبَ النُّـــورِ فـي فِجـاجِ الــحزونِ
هَُــ.ـل علَينَــــا علَـى المَــضاضَةِ أَنَّــــا
نَنْهَــــلُ النَّــشْرَ مِـن غِـرَاضِ الغُـضونِ 
هَـــلْ عَـلَـيـْـــنا غَضاضَةٌ لَـــوْ بـثَــثْــنا
بَـضَّ نَهْــــدَيْــكِ هَــمْهَــمَاتِ الـوَتيــنِ 
مـ.ا علَــينَــــا علَى الطَّوَى لَـــو ضَمَمْنَا
حَالِـــيَ الجَنيِ مِنْ رَطيــبِ الـغصونِ 
ما عَلَــيْنَــــا علَى الظَّمَى لَـــو رَشَــفنا
رَيِّــــقَ الــــرَّاحِ مِـنْ رُضَابِ الـفُتـــونِ
مـا عَلَـيْنَـــــا علَـى الـجَفَـا لَــو أبَحنَـــا
هـَــــامَةَ الــوَجْدِ سَــلسَبيـــلَ الـقُرونِ
يا مِهَــــادَ الـجَمالِ في المَحْلِ شِــمْـنا 
- حيثُــــما عَزَّ - مِنــكِ وَكْــنَ الـوكونِ
صَاغَكِ اللهُ مِـنْ شَــجَى كُـــلِّ قَلْــــبٍ
حَسـبُـــكِ اللَّــــهُ مِـنْ نُـــزاءِ المُـجونِ
(محمد رشاد محمود)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

-( عيد ميلادي)- في الخامس من آب بعضُ طينٍ وماءٍ صارا أنا والى أنْ يختلفا سأبقى هنا... لم تكنْ صدفة أو لقاء عبثي بين عنصرين بل تحدٍّ وامتحان ...