الاثنين، 3 يونيو 2024

الحصاد...
خريف ممطر يؤذن بموسم واعد.
محفوظ يتجول بضيعته الشاسعة ممتطيا فرسه.خمسيني ؛تعلق بالأرض منذ نعومة أظافره. عبد الستار معجب بحفيده.
هو من حبب العمل الفلاحي والعناية بالمزرعة لمحفوظ.
قرب غابة الزيتون ؛ أثار اهتمام الكهل اثار أغصان مقتلعة من عدة أشجار .ثمرة الزيتون صارت جاهزة للجني.تعجب محفوظ 
_ترى ؛من سولت له نفسه الاعتداء على رزقي؟ 
من خلال جولة صغيرة بالضيعة لم تتجاوز ربع الساعة 
وغير بعيد عن المكان من الجهة الشرقية ؛اكتشف الرجل السر. نسوة يقمن بعصر الزيتون بطريقة تقليدية .حجارتان كبيرتان؛تضع بينها احدى الحاضرات حبات الزيتون ؛ فيما امرأة تقابلها 
تضغط على الحجرة العليا ؛فيستحيل الزيتون الى عجين .
تتلقفه امرأة ثالثة وتضعه باناء على شكل قصعة من الطين ؛
وتعرضها لأشعة الشمس؛ فينساب الزيت لأسفل الاناء. ومن حين لاخر ؛تفرغ رابعة ما انسكب من الزيت بكأس صغير وتضعه بقارورة بللورية.فيما تحلق صبية حول النسوة ينتظرون عصيدة بادرت احدى الحاضرات باعدادها كفطور للصباح. تفطن أحد الأطفال للفارس.
هرع نحوه؛ ألقى عليه التحية..طأطأ رأسه؛ وعزمه للافطار معهم.اعتذر الرجل شاكرا الصغير..
ثم غادر المكان . من الغد؛ عاد محفوظ للمكان. العمدة أبلغه بأمر الوافدين الجدد على المكان. عملة موسميون لجني الزيتون من المناطق البعيدة والفقيرة.
ما ان لمح بكار صاحب الضيعة حتى اتجه نحوه على عجل..
حياه مرتبكا؛ واعتذر من صنيع الأطفال الذين اقتلعوا بعض أغصان الزيتون منذ يومين.
أمد الفلاح الرجل الواقف أمامه بمظروف به مبلغا ماليا؛
وأوصاه بمراقبة المكان واعدا اياه بأجرة اضافية ؛وأعلمه بحاجته لمزيد من العملة لاتمام عملية الجني في أقرب وقت نظرا لالتزام مهني ...سيحضر معرضا عالميا حول زيت الزيتون منتصف الخريف.
ابتسم بكار موافقا ...
_سأكون حارسا أمينا للضيعة.
تذكر محفوظ حادثة مرت عليها سنوات...
جده أشفق على عملة جني الزيتون ؛فأمدهم بكمية من حبوب القمح لبذرها نظرا لخصاصتهم..وكان موسما ممطرا.
مع حلول الصيف ؛حصد السكان صابة القمح وعجلوا بدرسها..
جده كان يتابع العملية بسرية تامة عن طريق أحد أجوار هؤلاء العملة؛عرف بثقته وصدقه..
حين طالب الجد نصيبه من الحبوب ؛ وقد تم الاتفاق على أن يكون منابه بالتناصف ؛ادعى كبير القوم أن الحقل أنبت شوكا بدل القمح...وأصر على مرافقته لمكان شاسع يغزوه الشوك ..
لم يصدق الشريك الأمر؛ وبدون أن يفكر؛ أمر مرافقه بحصاد الشوك ودرسه في اليوم الموالي مع أبناء عمومته...شرط أن يقوموا بالعملية وهم حفاة ...
تدخل وسيط خير حينها؛ وغير الجد رأيه في اخر لحظة...
_احصدوا الشوك بالمناجل ؛وادرسوه ب”الجاروشة“ وقدموا البذور للعصافير شتاء... وفي الموسم القادم سأوفر لكم بذور القمح من عندي؛ ولكن المحصول سيكون لكم وحدكم... 
صلاح لافي l تونس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

-( عيد ميلادي)- في الخامس من آب بعضُ طينٍ وماءٍ صارا أنا والى أنْ يختلفا سأبقى هنا... لم تكنْ صدفة أو لقاء عبثي بين عنصرين بل تحدٍّ وامتحان ...