ألفَيْتُ عُشّاً تناءى عنه طائِرُه
ما كان في حُضْنه فرخٌ و لا نسمُ
هبّتْ عليه رياحٌ ضلَّ مدرجُها
يا عشُّ..أين الغناءُ الحلوُ و النَّغَمُ؟!
يا عشُّ..أين هزارّ غابَ في غلسٍ ؟!
و غُمَّ فجرٌ فما يزهو و يبتسمُ
عواصفُ الهجرِ هبّتْ كلَّ آونةٍ
دامَ الفراقُ و هاجَ الشّوقُ و الألمُ
طالَ انتظارٌ لمحبوبٍ نأى زمناً
فما له في لقاءِ الأهلِ مُعتزَمُ
أجابَني بلسانِ الحالِ مُكتئباً
مدلولُ بَوْحٍ جفاه النُّطْقُ و الكَلِمُ :
كم شاقَني زَغَبٌ في ضمِّه أملٌ
أعواديَ المُلسُ حضنٌ ناعمٌ سَلِمُ
ضمّتْ ضلوعي وَريداً نابِضاً و دماً
و زقزقاتٍ بها الآمالُ ترتسمُ
و الآنَ أقبعُ في ظَلماءَ مُوحِشةٍ
هاجَ اشتياقي..فلا إلْفٌ و لا رَحِمُ
غامَ الضّياءُ و غابتْ بسمةٌ و غفتْ
و خيّمَ اليأسُ..و الأحزانُ و الظُّلَمُ
جارَ الزّمانُ على أيكي فأذبلَهُ
و كان غضّاً بأفراخٍ لها حُلُمُ
و نحن أيضاً طوى الهجرانُ روضتَنا
مثلَ الفراخ..فكان الحزنُ و الغُمَمُ
أذكرْتَني وطناً أدمى جوارحَه
بعد المودّة هجرٌ نازفٌ و دمُ
ربُّ الأنام قضى في لوحه قدراً
عيشٌ رغيدٌ عراه الجَدْبُ و السَّأمُ
حنَّ الفؤادُ لحضنٍ كان يُدْفِئُنا
و عودِ عُشٍّ كساهُ الجودُ و الدِّيَمُ
وعدٌ جميلٌ يواسينا و يسعدنا
العسرُ يعقبُه يسرٌ به حِكَمُ
ديمومةُ الحالِ أمرٌ يستحيلُ نُهىً
فلا يدومُ أسىً أو تخلُدُ النِّعَمُ
تبدّلُ الحالِ منهاجٌ له سُنَن
تعاقُبٌ صاغَهُ الأقدارُ و القِدَمُ
فسُنّةُ اللهِ في الأكوان خالدةٌ
مادامتِ الأرضُ و الأجرامُ و الأُمَمُ
و حسرةُ الرّوحِ للأوطان عاطفةٌ
سما بها كائنٌ بالصّدقِ يتّسِمُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق