.
(#صـــــــائد_الحمــــــائم)
روايــــة واقعيـــــة
للدكتور: إسماعيل محمد النجار
2 مايو 2019م
الحلقة: (18)
︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾
وبعد تقييم سبلبني وجدت أن شافيز ذكي، وله قدرات وملكات عقلية غير عادية، وحتى وإن وجدت مشكلة تتعلق بعلاقته مع النساء يمكن معالجتها، لتتخذ قرار الزواج منه قبل أن تأخذه امرأة أخرى، ووضعت برنامج رحلات خارجية إلى الشرق لأوسط وأوروبا وأمريكا لزياره فروع الشركة، وتطويرها وتوسيعها، ليرافقها شافيز، ويقضيا كل الأوقات في برنامج واحد، من أكل وشرب وسكن وعمل، لتقربه إليها وتصبح علاقتهما حميمة، وسيطرت عليه عاطفيا، وهيأته للارتباط، وجعلته يفكر بشكل جدي، وعلى الرغم من ذلك، ظل شافيز على قناعة بعدم الدخول بارتباطات زوجية معها إطلاقا، وأنه لن يكرر تجاربه السابقة، وخاصة مع نتاني.
وعاشا معظم أوقاتهم خارج إسبانيا في عمل، وتوصلا لقناعة العيش مع بعض دون ارتباط بعقد زواج، ليكن الارتباط بينهما أدبي، متيقنة أن توفير سبل الراحة والرفاهية والطمأنينة والعاطفة الجياشة غير المرتبطة بالخوف، وتقدير شخصيته ومكانته ستجعله لن يبحث عن غيرها، كما اتفقا على توثيق الأطفال المولودين باسمه، ليصبحا أمام المجتمع متزوجا، وتكون هي واثقة أن الخطوة الأخيرة إتمام عقد زوج رسمي، وإشهار الزواج.
وخلال تلك المرحلة توفي والدها، وورثت مع إخوانها أملاكه، وأخذت نصيبهم من الشركة مقابل نصيبها في شركات أخرى، ونصبت شافيز المسؤول الأول عن الشركة، ليصبح مقتنعا بعمل عقد زواج، وتصير زوجته رسميا، على ألا تقيد حريته، وحاولت إقامة عقد الزواج في الكنيس اليهودي، ولكنه رفض، واتفقا أن يتم العقد في المحكمة.
وبعدها أقامت سبلبني حفل زواج مبهر، حضره رجال المال والأعمال في إسبانيا، وأصدقاء سبلبني والأسرة من أوروبا، وفهمت نفسيته وكيف تتعامل معه. وخلال فترة أربع سنين أصبح لديهما ثلاث أولاد وبنت.
وعلى الرغم من عدم ارتباطه إطلاقا بعلاقات في إسبانيا، فقد استغل سفره بدونها لإقامة علاقات ارتباط كثيرة، بل وتزوج بالقليل من النساء بشكل غير معلن، ووفق شروطه، فقد تزوج مغربية ومصرية ويمنيتين إحداهما اسمها إلهام حمود العسل، تعمل ناشطة في حقوق الإنسان، وتعرف عليها في هولندا أثناء إقامتهما في فندق أمستردام، وكانت حاضرة لندوة لحقوق المرأة، ولاحظت وهي تتناول الطعام في صالة المطعم انشغاله في المكالمات، فلا ينهي مكالمة إلا وتبدأ الأخرى، وسمعت أكثر من مكالمة وهو يتكلم اللغة العربية بلهجة ممزوجة باليمني والمصري، وأغراها شكله وانشغاله وتحدثه اللغة العربية، لتقترب من طاولته، وتسأله ما إذا يسمح لها للجلوس على الطاولة؟ وسألته: الأخ عربي؟ ليرد: نعم. هل أنت رجل أعمال؟ ليجيب: مديرا لشركة سياحية عالمية. وينشغل بمكالمة أخرى.
وعندما فرغ من مكالماته سألته عن هويته؟ ليرد: أنا يمني على مصري على كله. لتضحك، وقالت: لكن الأصل من أين؟ ليقول: يمني من تعز، من بني شيبه، من آل الجعنان. لتضحك، واعتقدت أنه يمزح، وعرف شافيز من خلال حديثها أنها يمنية.
وفرحت إلهام كثيراً أنها تعرفت على شخص مهذب وجميل وجذاب بلدياتها، وطلب لها أفضل المأكولات، وحاولت الرفض لتكلفتها الكبيرة، ولكنه طمأنها، وما هي إلا خمس دقائق ليعطيها عنوان سكنه في الفندق، واستأذنها بالذهاب.
وفي اليوم التالي عادت إلهام مع مجموعة من زميلاتها في الندوة، من دول مختلفة من العالم، وفيهم لبنانية ومصرية وتونسية ومغربيه لصالة المطعم على طاولة مستديرة.
دخل شافيز ليجلس على طاولة بقرب منهن، ولفت انتباه الموجودات، لتركز عليه إلهام وهي في حالة شرود، وعينها باتجاهه، بينما الأخريات يتحدثن عنه، وعندما نظر إليها ألقى عليها التحية، لتسألها الموجودات: من أين تعرفين هذا الرجل الوسيم؟ وأين بلاده؟ لتقول: إنه بلدياتي.
وأبدت الكثير منهن الرغبة في التعرف عليه، ليثيرن غيرة إلهام، وفجأة نهضت من الطاولة، وقبل الذهاب إليه استأذنت الجميع، واعتذرت لهن بوجود موعد مسبق معه، لتثير الضحك وتعليقات الموجودات، وخاصة اللبنانية والمغربية والفرنسية والألمانية.
وخلال مشيها في اتجاهه كانت مرتبكة في مشيتها، ويظهر على وجهها الخجل، وعندما وصلت وقف وجدي ليستقبلها، وقد لاحظ ضحك رفيقاتها وزميلاتها على الطاولة وارتباكها، ليهدئ من روعها، وبدل أن تلقي السلام عليه رحب بها، وسحب لها الكرسي المجاور لتجلس عليه، وقال: اتركيهم، لا ترتبكي.
وعرف نفسيتها وما تعاني. لتقول: يضحكن لأنهن أجمل مني، ومستغربات كيف تعرفت عليك؟ وماذا أريد منك؟ ليقول: لا أجمل ولا أفضل من بنت بلادي في أدبها وجمالها. لتسأله: ألم تعجبك إحداهن؟
ليقول: يوجد هناك من هن أجمل. لترد: من هي صاحبة الحظ؟ ليقول: إلهام. لترد: أهو مجاملة أو تضحك علي؟
ليرد: هي الحقيقة يا إلهام، كل واحدة منهن كالبقرة الهندية تعبد ولا تؤكل، لتستفسر قائلة: وما الفرق، كلهن جميلات، وكل واحدة أجمل من الأخرى.
ليرد: بنت بلادي كالحبة في المقلى تتطاير أثناء قليها. لتضحك. وسألها: ماذا تأكل؟
لترد: على ذوقك، ولكن هذا المرة أنا من يدفع.
ليضحك قائلا: البحر لا يستقي من زمزمية (مثل يمني). قالت: قهوة الكافيار وسندوتش هامبرجر.
بينما ظلت زميلاتها في الندوة ينظرن إليهما ليثير حنقها، وطلبت من شافيز تغيير الطاولة، لكنه طلب منها عدم النظر إليهن.
يتبـــــــع...
┄┉❈❖❀✺❀❖❈┉┄
من مختارات:
سلطان نعمان البركاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق