عُوْدَه والدكتورة جِيهان .. رواية / رضا الحسيني (10)
الفصل الثاني {في بيتنا عُوْدَه }
لا لا .. وعد مش هقول
_ بتعمل محشي و ملوخية بالفراخ
_ بجد يا جِيهان ! طب هروح أدخل عليها و أتأكد
.. يا ماما .. ماما .. انتي بجد بتعملي محشي ؟
_ أه منك يا جِيهان ، بقى كده ، كنت عاوزة أخليها مفاجأة لعُوْدَة على الغدا
_ و الله يا أُمي هو وعدني يحفظ السر ، و أنا من طيبتي الزايدة
صدَّقته
_ هو فيه حد يصدَّق عُوْدَه ههههههه ، في المستشفى كلهم مش مصدقين إني ليَّا أهل .
_ انت ياحبيبي تقول براحتك اللي تحب تقوله .. بِنت ياجِيهان : سيبي عُوْدَه حبيبي براحته
_ شايفه ياجِيهان .. اتعلمي الحِنيه من ماما الحلوة
_ و الله أنا لازم أكلك هههههههههه
كان هذا النهار هو النهار الأجمل منذ سنوات على بيتنا الصغير الذي شعرت به صار كبيرا مُتسعا بروح عُوْدَه الجميلة .. و لأول مرة منذ سنوات أشعر بأُمي تضحك هكذا من أعماق قلبها و روحها .. و كأن بيتنا استنار بضيٍ من عالم آخر .. و تحوَّل صمتنا الطويل لحركة و كلام و صار عُوْدَه يفعل ما لا نتوقعه و ما لم نكن نُصدق أبدا أن بيتنا سيعيشه .. فعلا صدقوا من قالوا مانراه شرا قد يكون هو منتهى الخير ..
فأنا و أُمي لم نكن سعداء حين علمنا أن بداية عملي بالقصر العيني ستكون المناوبة الليلية .. و حاولتُ كثيرا تغيير هذا الأمر بلا فائدة .. حتى أن أُمي قالت لي وقتها :
_ ما دام الأمر هكذا يبدو مستحيل التعديل فلعل الله قد كتب لك فيه
أمرا ما
_ و هل يكتب لنا الله مواعيد عملنا يا أُمي ؟! .. إنها أفعال بشرية لا علاقة لها بالقدر
_ غلطانة يا بنتي يا حبيبتي .. كل شيء يحدث في هذه الحياة و الكون كله هو بأمر الله .. و ما البشر إلا هم فقط أسباب ..
و كأن كل إنسان هو يدُ الله يجعلها تفعل ما يريده هو وحده
_ و الله يا أُمي يبدو كده إنك شِيخة و أنا مش عارفه
_ مش جايز فيه عريس بينتظرك في المناوبة دي
_ إيه ده يا ست ماما بقى ! .. انتي عاوزة تخلصي مني بالسرعة دي
و لا إيه؟!
_ جِيهان يا حبيبتي كل يوم من عمرك بيقربك من حياتك الجاية .. أنا اتعلمت كده .. القطار ما دام بيتحرك يبقى بيقرَّب من محطته الجايه
و هكذا وقتها وجدتني أفكر في كلام أُمي هذا .. لم يكن موضوع العريس هذا يخطر ببالي أبدا .. و كيف يخطر ببالي و أنا أعيش حياتي كلها لا أهتم إلا بدراستي حتى تخرجت و بدأت رحلتي العملية منذ الأمس .. عريس !..هههههه و هل بالفعل يوما ما سأصير عروسا ! لا لا هذا أمر بعيد جدا ..
_ سرحانة في إيه اعترفي بسرعة .
_ و الله بريئة يا شرطي .. كنت بس بفكر إزاي هبعد عن الولد الحليوة عُوْدَه طول الليل
_ ليه يعني ؟ هوحشك يعني ؟
_ لا لا لا توحشني ده إيه يا سي عُوْدَه .. أنا بس هبقى قلقانة عليك .. بتاكل .. بتنام .. بتلعب .. قاعد لوحدك .. كده يعني
_ أه .. كنت فاكر هوحشك
_ و توحشني ليه يعني ؟!
و شعرت بعُوْدَه لحظتها و كأنه عاد لعالمه الذي كان يعيشه وحده قبل أن ألقاه .. و دون أن أشعر قُمت نحوه مُنقضَّة عليه ففزع و تكوَّم في رُكن
و أنا مستمرة في ملاحقته أمسكه من كل مكان في جسمه و هو يضحك من فِعلتي هذه و أُردد:
_ أنا هاكل الولد ده .. سيبوني عليه .. محدش يحوشني لازم أأكله
_ الحقيني يا ماما .. يا ماما .. الحقيني .. جِيهان عاوزة تاكلني
فاكراني صباع محشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق