الأربعاء، 31 يناير 2024

الصّداقة كنز 

الصّداقة علاقة إنسانية واجتماعية بين البشر ، هي في حياتنا مثل عملة نادرة نحتفظ بها ، وهي مثل معدن نفيس البحث عنه ضرورة. ، وفقدانه خسارة ، نحتاجها في المؤانسة ، نحتاجها لمواجهة هموم الحياة ، نحتاجها كالماء عند لفح الهجيرة ، نحتاجها في زمن الجذب والقحط.  

 وقد وجدت لفيف من البشر لا يعرف لها قيمة ، تلقاهم يعقدون صفقتها وقت الشروق ، وتأفل وقت الغروب ، فما أكذبها صداقة ، فهي صداقة وهمية ، لا دفتر شروط لها. 
 فالصّداقة التي لا تصون مودة العمر ، ولا تصون عشرة السنين ، ولا تصمد عند النوازل وتغير الأحوال ، لا يحق عدها وذكرها ، فالصداقة تقاس بديمومتها و بقاء أثرها .

فصداقة الأصفياء تتحمل الأوزان الثقيلة ، تقاسم الضربات ، فتحل حيث حلّ ، وترحل معه حيث ارتحل ، تحوي في خفاياها الأسرار ، تقاسم في أحاديثها قصص اللطائف ، تروي قصص الوفاء ، تحكي أيام الوصال. 

هي نزهة تسلي هموم الحزين ، ورحلة عمر توشحها الثقة ، فتحاكي في روعتها الطهر والصفاء ، وهي عطاء دون من ، كما هي حب صادق ، لا تخالطه شوائب النفوس المريضة ، من ذاق حلاوتها ، لا يبرح أرضها ولا يفارق مضاربها ، لا يقنع بسواها ، فهي مثل الملح للطعام.  

 و قد وجدت لها من الأوصاف أحسن وصف صاغه الشاعر في أبيات رائعة .
يقول في أبياته :    
إن صديق الحق من كان معك 
ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك
 شتت فيك نفسه ليجمعك

ما أحوجنا اليوم للصداقة الحقيقية ، التي تلتقي فيها النفوس على الحب الصادق ، الذي يذيب الفوارق ، ويشرح الصدور ، فتنزع الأقنعة التي تحجب الصفاء ، وفيها تنبسط السرائر لبعضها البعض ، فتخفي علاقات الأغراض والمصالح الدونية ، فلا تتعلق النفوس بالطين والوحل الذي هشّم بنيان المودات .

 الأستاذ حشاني زغيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

-( عيد ميلادي)- في الخامس من آب بعضُ طينٍ وماءٍ صارا أنا والى أنْ يختلفا سأبقى هنا... لم تكنْ صدفة أو لقاء عبثي بين عنصرين بل تحدٍّ وامتحان ...