السبت، 6 أبريل 2024

ليلة القدر 
عندما كنت صغيرا، عودني أبي بالجلوس في دكان تجارته قبل أذان المغرب... وكان أصدقاؤه يجلسون على الأرض أمام الحانوت. يكونون حلقة خشوع وتأمل. حينها يأتي عمي الصادق ويقرأ عليهم قصص القرآن ودرس ذلك اليوم كان موضوعه "ليلة القدر."
بصراحة لم أفهم شيئا واسمع إلا كلمة "آمين". والقارئ يسرد القرآن بلغته ثم يفسر الآية بلغة الحاضرين.
حدث المحاضر قال
ستأتي هاته الليلة، ليلة روحانية عالية، ليلة مباركة، يستحضرها الله بهذه الكلمات:.
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
إنها ليلة يستعد لها المسلمون بكل سرور وحماسة وحماس. إنها ليلة الحدث الجليل، نزول القرآن، المعجزة التي صاغت التاريخ. وعبادة هذه الليلة تعدل صلاة ألف شهر.
وفي هذه الليلة قدر الله كل ما سيحدث في العام التالي، ومن هنا أصل التسمية: ليلة القدر
سألت ابى الأمي ماهي ليلة القدر؟
قال لي ولعله لم يفهم كل الحديث... ليلة يسهر فيها الناس فوق السطوح ويترقبون شعلة من النور ثم يطلبون ما يشاؤون.
قام الآذان وعاد جميع الحاضرين مهرولة الى منازلهم لتناول الفطور...
واثناء الليل ترى السطوح حبلى باهالي القرية حتى الفجر يترقبون النور.
ومن الغد وفي وقته المعهود عاد عمي الصادق محملا بقصة اخرى، سالته...
قمت البارحة ساهرا ولم ار النور...
ابتسم ثم قال لي بكل هدوء... هل صليت كامل الليل
قلت
لا.
وهل صلى الاخرون
قلت
لا...
يا بني لا يعرف أحد إلا الله زمن ليلة القدر...
وتحري تلك الليلة هو الاجتهاد في العبادة والعمل الصالح، والذكر طلبا لليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان. واثناءها يقرأ من يتقن القراءة القرآن على جميع العائلة.
اسمع يا صغيري
أقرأ ثم أقرأ واعمل ثم أعمل واجتهد لتكون صالحا لنفسك وللمجتمع...
"ها هي العشر الأواخر من الشهر المبارك قد أظلتنا... وها هي نفحاتها قد هبت علينا ترجو منا... البر والوفاء والاجتهاد مع الخوف والرجاء... ها هي تفتح لنا ذراعاها عسى أن نعوض ما فاتنا من أجر... وأن نجبر ما أصابنا من كسر... إنها الأيام المباركة التي فيها ليلة هي خير من ألف شهر... ليلة القدر" 
ضرب عمي الصادق على كتفي و قال : 
كن ثابتا مستقبل الدين ببن يديك.. أفعل به صالحا و اصلاحا. 
فهمت وأنا صغير رمز الحدث وعندما نحن أمام مائدة الافطار نهضت والمصحف بين يدي وقرأت ايات بينات من سورة القدر.
 بقلمي عبدالفتاح الطياري -تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

-( عيد ميلادي)- في الخامس من آب بعضُ طينٍ وماءٍ صارا أنا والى أنْ يختلفا سأبقى هنا... لم تكنْ صدفة أو لقاء عبثي بين عنصرين بل تحدٍّ وامتحان ...