الثلاثاء، 2 يوليو 2024

شذرات لغوية /
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠
$$$$$$$$$$#$$$$$$$$$$$
((( إعراب و معنى آية ٠٠!! ))) 
قال تعالي :
" لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ "
( سورة المائدة : الآية ٢٨ )
٠٠٠٠٠
عزيزي القارىء الكريم ٠٠
مازال حديثنا موصولا مع حلقة جديدة من حلقات ( شذرات لغوية ) نتعرف من خلالها عن إعراب و معنى آية من كتاب الله العزيز لنفهم و ندرك علوم القرآن منهج حياة ٠٠
و في هذه الكلمات نتعلم قيم الأخلاق من هذا الدستور الجامع الشامل من خلال الرحمة و الصفح الجميل و التسامح و العفو ٠٠
مع عدم التسليم و الخنوع في ضعف لضياع الحقوق و هذا هو الهدف الرئيسي هكذا ٠ 

* أولا الإعراب : 
------------------
لئن : اللام موطئة للقسم، وان شرطية ٠
وبسطت فعل ماض في محل جزم فعل الشرط ٠ والتاء فاعل ٠
وإلي متعلقان ببسطت ٠ و يدك مفعول به ٠ والجملة مستأنفة مبينة لما أراد قوله ٠
،ولتقتلني اللام لام التعليل، وتقتلني فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل، والنون للوقاية، والياء مفعول به، والجار والمجرور متعلقان ببسطت ٠
 وما : نافية حجازية تعمل عمل ليس ٠
وأنا اسمها ٠
والباء حرف جر زائد ٠
 وباسط : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبرها ٠
 ويدي مفعول به لباسط لأنه اسم فاعل ٠
 وإليك متعلقان بباسط ٠
 ولأقتلك :
اللام لام التعليل ٠
وأقتلك : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل ٠
والجملة جواب القسم لتقدمه على الشرط، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ٠
 (إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) الجملة تعليلية، وإن واسمها، وجملة أخاف الله خبرها، ورب العالمين بدل من الله أو صفة ٠

* ثانيا المعنى العام :
-------------------------
قال الحسن ومجاهد: كان من شرع آدم أن من قصد بالقتل؛ فواجب عليه الكف عن الدفع، والصبر على الأذى، وكذا كان في شرع نبينا في الابتداء، فأما قوله: 
" ما أنا بباسط يدي إليك " يعني: بالدفع و المد ٠

و قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه : 
وايم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن يبسط إلى أخيه يده ، وهذا في شرع آدم جائز لمن أريد قتله أن ينقاد ويستسلم طلبا للأجر كما فعل عثمان رضي الله عنه ، قال مجاهد : 
كتب عليهم في ذلك الوقت إذا أراد رجل قتل رجل أن لا يمتنع ويصبر .

و من ثم ( فطوعت له نفسه ) أي : طاوعته وشايعته وعاونته و شجعته ، ( قتل أخيه ) ٠
 أي في قتل أخيه ٠
وقال مجاهد : فشجعته ، وقال قتادة : فزينت له نفسه ، وقال يمان : سهلت له نفسه ذلك ، أي : جعلته سهلا ٠٠
 تقديره : صورت له نفسه أن قتل أخيه طوع له أي سهل عليه فقتله ٠

و عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقلتُ: يا رسول الله، أرأيت إن دخل بيتي وبسط يده ليقتلني؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن كابن آدم، وتلا الآية ٠

و جاء في مسند أبي ذر.
قال: ركب النبي صلى الله عليه وسلم حمارًا وأردفني خلفه، وقال: يا أبا ذر، أرأيت إن أصاب الناس جوعٌ شديدٌ لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك، كيف تصنع؟ قال: قال: الله ورسوله أعلم. قال: تعفف، قال: يا أبا ذر، أرأيت إن أصاب الناس موتٌ شديدٌ يكون البيتُ فيه بالعبد –يعني: القبر- كيف تصنع؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: اصبر، قال: يا أبا ذر، أرأيت إن قتل الناسُ بعضهم بعضًا –يعني- حتى تغرق حجارةُ الزيت من الدِّماء، كيف تصنع؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: اقعد في بيتك، وأغلق عليك بابك، قال: فإن لم أترك؟ قال: فائتِ مَن أنت منهم فكن منهم، قال: فآخذ سلاحي؟ قال: فإذًا تُشاركهم فيما هم فيه، ولكن إذا خشيتَ أن يردعك شعاع السيف فألقِ طرفَ ردائك على وجهك؛ كي يبوء بإثمه وإثمك.

 و أخيرا نعم مبدأ العفو و الصفح في قوة في أشياء كثيرة و ربما القصاص في البعض أجدى للتوقف عن ارتكاب المخالفات من باب العظة و الجزاء ٠٠
 
و بعد هذا العرض الموجز للبيان ، لا نملك هنا إلا أن نقول مثل قول يوسف الصديق عليه السلام :
( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) . 
ليسَ من شأنِ الكريم التَّشفِّي إذا ما انتصرَ بعد الخصام، ولا السعيُ إلى الثأرِ والانتقام.
إذا كانت هذه رحمةَ الأنبياء، فكيف هي رحمةُ أرحمِ الرحماء؟! ٠

و عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة التفت إلى الناس فقال : ماذا تقولون وماذا تظنون ، قالوا : ابن عم كريم ، فقال : ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ) .

و في صحيح مسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجلٌ فقال: يا رسول الله، يأتيني الرجلُ يريد مالي، قال: لا تُعطه مالك، قال: فإن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: فإن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: فإن قتلته؟ قال: فهو في النار.

و هذا يدل على أنَّ الإنسان يُدافع عن ماله، ويُدافع عن نفسه، و عن عرضه و أرضه فإذا قُتل دون ماله فهو شهيد، كما لو قُتل دون نفسه، و هكذا بعد محاولات تمنعه من هذا التصرف المشين ٠٠
 فبعد ذلك لا مانع من أن تُدافعه ولا تُعطيه مالك، و لا يلزم أن تُعطيه مالك و تسلم له بعد المحاولات بالحسنى و الحلول .

و الحديث يعلمنا لا نُعطه أموالنا و هذا دلالة على أنَّ الأولى ألا يكون جبانًا ولا ضعيفًا، وألا يُسلم له في الحال، بل يُدافعه؛ لأن تسليمه له في الحال تجرئة له على الباطل ولأمثاله، حتى لا تسول له نفسه بالخوف منه و يتمادى و ربما ظن أن فعلوا ٠٠ فيتجرأ أهلُ الباطل على ذلك.

فينبغي المدافعة وعدم التَّسليم، اللهم إلا إذا خشي على نفسه فلا بأس أن يدع فداء لنفسه من القتل؛ لأنها أغلى من المال، لكن في أول الأمر يُدافع ويمتنع ولا يُعطيه المال، ولا يتسرع في إعطائه المال؛ ولهذا قال: لا تُعطه مالك، قال: فإن قاتلني؟ قال: قاتله.

و في النهاية عزيزي الصديق الصدوق:
فما علينا إلا أن نذكر الله و نصلي على نبينا و نضرع و ندعو الخالق عز وجل ٠٠
و من ثم تكون إليه وحده الشكوى و بث الحزن ٠
حتى ينفرج الهم و أرجو ذلك من الله العلي القدير ٠

* و الفرق بين البث و الحزن :
البث أشد الحزن، الذي لا يصبر عليه صاحبه، حتى يبثه أو يشكوه. 
والحزن: أشد الهم. 
وقيل: البث: ما أبداه الانسان، والحزن: ما أخفاه، لان الحزن مستكن في القلب، والبث: ما بث وأظهر وكل شئ فرقته فقد بثثته.
نسأل الله الخير و السلامة دائما ٠
و على الله قصد السبيل ٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

-( عيد ميلادي)- في الخامس من آب بعضُ طينٍ وماءٍ صارا أنا والى أنْ يختلفا سأبقى هنا... لم تكنْ صدفة أو لقاء عبثي بين عنصرين بل تحدٍّ وامتحان ...