السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠
=================
((( قصة بيت شعري ٠٠!! )))
ياأعـدلَ النـاسِ إلاّ فـي معاملتــي * فيكَ الخصـامُ وأنتَ الخصـمُ و الحكم ُ٠
قصة عتاب بين المتنبي الشاعر و الملك سيف الدولة الحمداني أمير حلب ٠
عزيزي القاريء الكريم ٠٠ إن الاختلاف في القضايا اللغوية من خلال المعارك الأدبية في مجالس الخلفاء و الأمراء منذ العصر الأموي و العباسي ساعد في ازدهار علوم اللغة في حضرة الأمراء و الشعراء و أهل اللغة أضف إلى النوادر و الحكايات ٠٠
و من ثم يحضرني موقف أخر :
قال أبو عمرو بن العلاء، قال: أنشد الفرزدق قصيدته .
فمرّ فيها:
وعضّ زمان يا بن مروان لم يدع * من المال إلا مسحتا أو مجلّف ٠
فقال ابن أبى سحاق: على أى شىء رفعت مجلفا؟ !٠
قال: على ما يسوءك.
قال أبو عمرو: فقلت له: أصبت؛ هو جائز على المعنى على أنه لم يبق سواه.
و نعود إلى المتنبي في قوله :
ياأعـدلَ النـاسِ إلاّ فـي معاملتــي * فيكَ الخصـامُ وأنتَ الخصـمُ و الحكم ُ
و هذا بيت يختلط فيه مدح وذم وعتاب، فمدحه بأنه أعدل الناس، ولكن الذم والعتاب هو أن هذا العدل لا يشمل الشاعر، فيقول لسيف الدولة: "أنت أعدل الناس إلا إذا عاملتني، فقد حدث خصام بيننا، وأنا لا أستطيع أن أحاكمك لغيرك لأنك ملك، حينها تكون أنت الخصم وأنت الحكم بيننا، فأين العدل إذًا؟ !٠
* مع قصة البيت الذي سار مثلا :
------------------------------
اتصل المتنبي بسيف الدولة ابن حمدان، أمير وصاحب حلب، سنة 337 هـ, وكانا في سن متقاربة، فأصبح المتنبي مقرباً إلى أمير حلب, نديماً له في مجلسه, ورفيقاً له في سفره, ومصاحباً له في حروبه. وبعد تسع سنوات من الصفاء والمودة بينهما كان آخر عهد المتنبي بسيف الدولة الحمداني في مجلسه أثناء مناظرة لغوية, حيث جرت مسألة في اللغة تكلم فيها ابن خالويه وكان المتنبي ساكتاً، فقال له الأمير سيف الدولة: ألا تتكلم يا أبا الطيب، فتكلم فيها بما قوى حجته، وأضعف قول ابن خالويه، واستمر النقاش حتى قال المتنبي لابن خالويه: اسكت ويحك فإنك عجمي، وأصلك خوزي، وصنعتك الحياكة, فما لك وللعربية؟ فحرد منه خالويه, وأخرج من كمه مفتاح حديد لبيته وضرب به المتنبي، فأجرى دمه أمام مرأى ومسمع سيف الدولة الذي لم يحرك ساكناً, فغضب المتنبــــــــــي وتــــــــرك المجلس. وبهذا الموقف وضع المتنبي حداً لعلاقته بسيف الدولة الحمداني التي استمرت تسع سنوات ليسدل فصلاً من فصول سيرته بمغادرته حلب سنة 346 هجرية. إلا أن هذا الموقف أخرج لنا قصيدته الميمية التي عاتب فيها سيف الدولة الحمداني، واعتد فيها بعروبته وبنفسه. وتعد القصيدة من عيون الشعر العربي؛ لما جمعته من مشاعر متناقضة فيها عتاب يصل حد الاستجداء, واعتداد بالنفس يطوق حد الكبرياء والأنفة. هذا فضلاً عما حوته القصيدة من حكم سرى بعضها مسرى المثل.
و في النهاية نتمنى أن نكون قد قدمنا شيئا من تراثنا الجميل من خلال علوم اللغة و فراديس الأدب كي تعم الفائدة ٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق