تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد مصر ٠
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$
((( لحظة وقوفي قُدامي ٠٠!! )))
الشاعر الكاتب رانيه متولي بلاط ٠
من طينة الخوف والخضوع
اتخلق ضعفك إله
فنفخنا فيه من صمتنا
نبض الحياة
ورمينا روحنا ف الهلاك
وشربنا مُر الاحتياج
كان يجرى ايه
لو يوم كفرنا بالنوايا الطيبة
وقبلنا ناخد ف الحياة
دور الشيطان ٠
٠٠٠٠٠
عندما نتوقف في هذه التغريدة الشعرية مع رمز من رموز التنوير من خلال النص الشعري و ظلال الكلمات التي تعكس رؤيته و ملامحه في إطار ثنائية الإبداع داخل عملية الفنون مع لحظات كاشفة و تجليات لها صدى في النفوس و الحشد الجماهيري حيث جذوة التمرد من الوهلة الأولى نلمحها في تركيبة الذات و الشعور بالواقع مع صيرورة الحياة اليومية و تصوير المواقف من زوايا اجتماعية و سياسية و اقتصادية ودينية ممزوجة بالعلاقات المضطربة فيعبر عنها بلغة بسيطة شعبية مصرية قريبة إلى الفصحى تستوعب تجربته في تحليل لمشاعر و أحاسيس تسكنه تحتاج إلى لحظة مخاض إلى النور ٠٠
تنم عن معانقة تلك الروح لمقومات تراثية و استعداد يليق بالمكون لشخصية تحلم و ترسم الهوية بلغة و لهجة تتلاقى مع القاعدة العريضة التي تشكل فكر ووجدان خريطة التفاعل في تباين منطقي تأملي لصورة مركبة سهلة التشكيل سابحة في عمق الخيال ٠٠
إنه عالم شاعرنا رنيه بلاط الذي انخرط منذ نعومة أظفاره على ضفاف بيرم التونسي و فؤاد حداد و رباعيات صلاح جاهين و تنهيدات عبد الرحمن الأبنودي المحترقة ٠٠
و من ثم فقد جعل لنفسه معجمه الخاص في نزعات تمرد ثوري يبحث عن نفق يتخلله النور ٠٠
فوضع لنفسه خط بياني مع الإنسان المقهور و الوطن المبعثر في خيوط تشد غلائله نحو الحقيقة و هذا يلاحظ في مقطوعاته الشعرية التي تفوح بنوبات غنائية و أمل و حلم و تفاؤل برغم الوجع و الحزن و البكاء ٠٠
أليس هو القائل :
لما الكلمة تشق وداني
والقى ضجيج الحرف ف حلقي
بجري والم بقايا كياني
وامسك قُرص الشمس بإيدي
لجل تسيح ألواح التلج الساكنة ف دمي ٠
* نشأته :
------------
رانيه متولي بلاط شاعر و كاتب ناقد و ناشر مصري ٠
صاحب ومدير دار البديع العربي للطباعة والنشر
_ صدر له :
ديوان لحظة وقوفي قُدامي عن الهيئة العامة لقصورالثقافة 2016
- ديوان شق الوطن توبه عن الهيئة العامة لقصور الثقافة 2019
_ محاولة فاشلة لتغيير الاتجاه عن الهيئة العامة للكتاب 2021
_ الحليب الأسود " نصوص متمردة " عن المجلس الأعلى للثقافة 2023
- ديوان ( أربع وصايا للبقاء ) ٠
حاصل على منحة التفرغ من المجلس الأعلى للثقافة ٠
* مختارات من شعره :
==============
و ها هو شاعرنا الحادي رانيه بلاط ينطلق بنا في مقطوعاته الشعرية المكثفة ليجسد لنا القضايا اليومية التي تخص الإنسان فيصورها بالكلمات في لوحة جمالية بظلالها و نبضها في معالجة ، كما يرسخ
عنوان القصيدة ( النص قابل للتعديل ) حيث يعبر عن صوت الجماهير التي تصنع البكاء في لحظات انصهار مع المشهد المسرحي لتلك الحياة من أجل بريق الأمل الوليد فيقول فيها :
" في المُفتتح "
جماهير بتصنع م البُكا
حبة فرح متزيفين
رُفِعَ الستار
على مسرحية حلمنا
مشهد حقيقي من الحياة
حبة وجع
بيخطوا عتبات البيوت
والعنكبوت
عشش على عيون الأمل
شربت غيطان الحلم
أوجاع البشر
طرحت دموع اليأس
ف عيون النهار
مشهد تاني من الحياة
كل الحقايق ف الوطن
طلعت سراب
حتى التُراب اللي ارتوى من دمنا
ما بقاش لنا
تيران باعوها بدون مزاد
صنافير .. نُقط
يعلى الصفير
تنزل ستارة فوق عيون الفهمانين
مكتوب عليها بالعريض
ان العبيد
الصمت ليهم طوق نجاة
مشهد تالت م الحياة
ربما يكون الأخير
القطيع لابد يشرد
لما بتقوده الحمير ٠
***
و في قصيدة أخرى لشاعرنا المغني رانيه بلاط تحت عنوان ( شق الوطن توبه ) يخاطب الوطن من خلال مأساة الناس في تورية صلاة الألم اليومية من أجل حلم بسيط مشروع وسط تأملات فلسفية واقعية وحضارية يبرهن عليها بسؤال إجابته بتبقى سؤال ٠٠ يقول فيها :
الفقر بيطحن
عضم الناس الشقيانة
وبيفرم جوا النن
الحلم النازف أوجاع
جناحات الرؤية بتتحاصر
في فضاء الذات المقهورة
فيرتل قلبي الأوجاع
في صلاة الألم اليومية
ف ساعات الصبر على المقادير المكتوبة
على صفحة روحنا المطوية
يضيق براح الكون حوالينا
وجدار أمانينا بيتهدم
والفهم يبات محبوس ف سطور
وحروفه بتبقى طلاسم خوف
مزروعة ف كراريس الأطفال
وسؤال اجاباته بتبقى سؤال
يجي بكرا ازاي
وانا يومي شطوط
لبحور الزيف العدمانة ٠
***
ثم ينتقل بنا رانيه بلاط داخل ( كتاب الحليب الأسود ) حيث نصوص متمردة يختصر فيها دوامات اليأس في مستنقع القوى باحثا عن الأحلام المفقودة في خريطته فيقول فيها :
بُقْعَةٌ حَمْرَاء!
ـ المَكَان:
غُرْفَةٌ صَغِيرَةٌ
لا تَتسِع بالقَدْرِ الكَافِي
لاحْتِواءِ الأحْلَام
ـ فِي إحْدى الزَّوَايَا
مَكْتَبٌ يَجْلِسُ خَلْفَهُ ظِلٌّ نَحِيلٌ
يَرْتَدِي (بيجامة) بيْضَاء
تَنْسَكِبُ المِحْبَرَةُ على بِنْطَالِه الأَبْيَضِ
يَتَوَزَعُ الحِبْرُ
لِيَرسُمَ دون قَصْد
(خَرِيطَةً للعَالمِ القَدِيم)
ـ لِّلمُقَارَنةِ
يَنْدَفِعُ مُسْرِعًا
للبَحْثَ عَنْ خَرِيطَةٍ جَديدَةٍ
حَصَلَ عَلَيْهَا مِنْ
مَحَلَّ صَانِعَ (البِيَادَات)
يَتَأَمَّلَهَا.. لا شَيء
بُقْعَةٌ حَمْرَاء بِلَوْنِ انْتِهَاءِ العَالَم ٠
***
و يصل بنا رانيه بلاط في فصول ملحمته العمرية من الصبا و الشباب حتى أصابه لعنة التجاعيد حزنا و كمدا على الحيرة و القلق
فيقول في مقطوعة بعنوان ( تجاعيدُ ) مشتهيا سنابل من وحي شاطيء الذاكرة :
بعضُ التجاعيدِ
اعتلتْ وجهَ النهارِ
البحرُ ....
تطعنُهُ النَّواتُ بصفيرِها
الأجوفَ
فتُصيبُ كبدَ الماءِ بالظمأِ
المُميتِ
تنزفُ النوارسُ تمرًا
من أُجاجِ البحرِ قد نما
فتسيلُ دماءٌ
على شواطئ الذاكرةِ
وتئنُّ حَبّاتُ الرمالِ
هُنا ...
قد قاومَ جَدي حملةً
من ألفِ عامٍ
كان يقودُها شيطانُ
من شياطينِ الفناءِ
هُنا ...
كانت لنا خيولٌ
تصنعُ من لآلئِ الضياءِ
أثوابًا للكبرياء
هُنا ....
كانت طبولُ الحربِ تقرعُها
السماءُ
غيرَ أنّا الآنَ بِتنا كالغُثاءِ
وارتضيْنَا ...
أن نبيعَ البيتَ قهرًا
والتحفْنَا بالعَراءِ
واكتشفْنَا ....
أننا بايعْنا سَهْوًا
مَن أباحوا
واستباحوا
من بقايانا الدماءَ ٠
***
و من التعبير القرآني يقتبس لنا هذا العنوان
( جُــرُفٍ هـــارٍ ) حيث يحدث بينه و بين الليل خصومة و علاقات طرد لكنها يرجو أمل يضيء العقول الفارغة من جديد نحو تغير المشهد المذري المسرحي في سخط و قيامة استثنائية:
الليلُ...
ثرثارٌ غبيٌّ
يتسللُ
إلى مضاجعِ الكادحينَ
يسلِبُهم
سُويعاتِ الراحةِ الوهميةِ
يُضاجعُ أجفانَهُم الحُبلى
برغيفِ خُبزٍ مُدنَّسٍ
آتاه الفرعونُ من دُبر
تئِنُّ نجماتُ هوت
من سماواتِ التمني
تنزفُ أحشاءُ القناديلِ عَتمةً
تقودُ العقولَ باتجاهِ التيهِ
توزِّعُ على المنبطحين
عُنوةً
أوجاعًا أبديةً
فتقومُ للمنهكينَ
قيامةٌ استثنائيةٌ
ربُّها ...
عِربيدٌ يكرهُ الحقَّ
وميزانُها ..
على شَفَا جُرُفٍ هارٍ
قد نُصِب ٠
***
و نختم له بتلك القصيدة
من ديوان " أربع وصايا للبقاء" تحت عنوان ( نعي ) و التي تلخص لنا عمق فلسفته من خلال رؤيته مع الحياة و حصاد وجع السنيين والطواف حول رحلة العمر و تخيل للنهايات و رسم لوحة تحاكي صدى ما هو كائن و سيكون في يومياته المتباينة في دفقات المعالم :
نعي ..
من نزف القلب
ملا إبريقه بعرق الصبر
وقام يتوضى
صلى الفجر
وراح يستنى ف ملك الموت
لجل ما يجي يحط ف قلبه
سبيل لحياة
مسك الورقة
لجل ما يكتب صيغة نعيه
بسم الله
الميت مات
كان وحداني مالوهش اخوات
كان بيحاول يبقى الفارس
ف الحكايات
مع إنه يا دوبك
كان بيعدي لعتبة بكرا
بقلع الضرس
كان يستنى ليوم عشرين
لجل ما يهمس عمه شهاب
في ودانه الجوز
بكره يجيلك إذن بقاء لنهاية الشهر
ينزف قلبه دموع م القهر
يصلب طوله قُصاد الناس
بس بيفضل قُدام روحه
محني الضهر ٠
و بعد هذه القراءة السريعة في عالم شاعرنا المصري رانيه متولي بلاط الذي عزف ألحانه الشعرية في فترة استثنائية على صدى أوتار قيثارته المحترقة في معادلة الحياة بين التضاد و الصراعات و الأنانية في متواليات و انكسارات باتت تحدق بهذا الإنسان المفترى عليه دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي إن شاء الله ٠